Résumé :
هناك تحولات عديدة تعرفها المجتمعات المعاصرة تزامنت مع تغيرات عالم التربية، ومع ما تعرفه بعض هذه المجتمعات من ثورة تكنولوجية، وتوسع العولمة ومعاييرها وقيمها ذات الأصل الليبرالي الجديد، والتوجه نحو تنمية القدرات ورأس المال البشري، وتحديث الفعل العمومي (الدمقرطة اللاتمركز الجهوية)، وظهور أنماط جديدة لأجرأة السياسات العمومية والتدبير، وأخيراً بروز ممارسات التقييم والضبط، والتداول، والمصاحبة والمساعدة على اتخاذ القرار والاستشارة. فرضت العولمة على السياسات العمومية تحديث الاستراتيجيات والبرامج التربوية. في علاقة وثيقة بقضايا التنمية الاجتماعية والبيئية والعدالة المجالية والإنصاف وسياسات الدمج، وتقوية الحركية نحو الأنظمة الدولية والتعاون والشراكات معها، إلخ . وبقدر ما أصبح التعليم مجالاً ذا أولوية سياسية واقتصادية اليوم، وعنصراً مركزياً في التنافسية بين الأنظمة البلدان في إطار اقتصاد المعرفة، بقدر ما أضحت استراتيجيات التغيير والتحديث في التربوية ترتكز بشكل كبير على مكتسبات التكنولوجيا الرقمية وعلى مستجدات الابتكار، وعلى الحقول المعرفية الجديدة.
إن الفكرة الموجهة لمختلف البحوث التي ننشرها في هذا الكتاب، تتلخص في كون المدرسة لم تعد مجرد مؤسسة للتنشئة الاجتماعية والتمكين من المهارات والكفايات الأساسية بل أضحت اليوم مؤسسة تتولى أجرأة السياسة العمومية للدولة في المعرفة وهي تعبئ كل مواردها المالية والبشرية والمادية ومناهجها وبرامجها، لأداء هذه المهمة الاستراتيجية بالنسبة للمجتمع. وقد سعينا إلى أن نقدم للقارئ عدداً من جوانب هذه السياسات من خلال مواضيع كثيرة تجد وحدتها في انتمائها للمجال المدرسي.