Résumé :
احتلت الراحلة فاطمة المرنيسي مكانة خاصة بين جيل رواد تأسيس المدرسة السوسيولوجية المغربية منذ التحاقها بكلية آداب الرباط نهاية ستينيات القرن الماضي (20). كان الخطاب العلمي السائد آنذاك متميزا بطابعه النظري واهتمامه بتفكيك مسلمات السوسيولوجيا الكولونيالية، مع استغلالها للمعطيات التي خلفها هذا الإرث الوثائقي الغني
من جهة ثانية، كانت السوسيولوجيا المغربية تبحث آنذاك عن مقاربة أو مقاربات ،نظرية يمكن الركون إليها اعتبارا للخصوصيات الثقافية والتمدد والتنوع اللغوي والسيوسيولوجي للمجتمع المغربي
فسواء عند محمد جسوس أم بول باسكون أم عبد الكبير الخطيبي وسواهم تم التوسل بالمقاربات الماركسية والوظيفية والفيبيرية، سواء منفردة أو بالتركيب بينها. رغم هذا الجهد الضروري والمحمود، فقد تم إهمال المقاربات الميدانية أو تهميشها، ناهيك عن طرائق البحث الميداني وتقنياته المختلفة، وهنا تكمن المساهمة المركزية للمرنيسي
في غياب شبه تام للمراجع المنهجية والميدانية باللغة العربية قامت المرنيسي بجهد مزدوج : الاستمرار والمساهمة في الجهد النظري من مداخل مختلفة ومتجددة والشروع في تدريس مناهج البحث العلمي السوسيولوجي وتقنياته. كل ذلك بوسائل بسيطة، من أهمها رقن الدروس واستنساخها ووضعها تحت تصرف الطالب والباحث على شكل كراسات بدون أي مقابل أو حرص على الملكية الفكرية لهذ العمل الهام. يتعلق الأمر إذن بعمل مؤسس عالي الجودة، لا يزال محتفظا بقيمته وراهنيته ولا يزال طالب علم الاجتماع والعلوم الاجتماعية عموما في حاجة ماسة إليه.
تطوع الأستاذ عبد الصمد بلكبير مشكورا وبجهد وأناة كبيرين بجمع نصوص هذه الكراسات المتفرقة والمجهولة لدى الجيل الجديد، وتنقيحها لغة، وتدقيق ما غمض أو التبس فيها، إلى أن أصبح العمل المتفرق على شكل كتاب متكامل.
أعتقد في تقديري المتواضع، ومن خلال ما يناهز العقود الأربعة من تدريس علم الاجتماع، بأن طبع ونشر هذا العمل الذي أنوه به سوف يشكل تكريما واعترافا بجهد ومساهمة فاطمة المرنيسي، وبصفة خاصة، سوف يكون معينا ثمينا للباحثين في
العلوم الاجتماعية بالمغرب وفي العالم العربي.
د. إدريس بنسعيد