Résumé :
كان تفسير الحرالي المراكشي، تنظيرًا وتطبيقا، اتجاهًا جديدًا في فهم القرآن الكريم. تفسير مبناه كيف نُقبل على القرآن لفهم كلماته من جديد، وكيف نجعل لما هو باطن في الخطاب وجهًا ،أرفع، وكيف نستطيع أن نجمع بين ظاهر القرآن وباطنه في توازن واعتدال. كان تفسير مبناه على ما يمكن أن نصطلح عليه بالاحساس الروحي بالكلمات القرآنية»، إحساس مُنضَبِطٌ بقوانين الفهم التي أبدعها الشيخ الجليل تلك القوانين التي أسست نظريةً متكاملةً في الفهم، في حقيقة منطوقها كانت سدا منيعا في وجه التأويلات الباطنيّة والغَنُوصيّة والإشراقيّة، وضبطًا علميًا للانزياح العرفاني فيما يُعرف بالشَّطَحات الصوفية. فكان الحرالي بحقِّ مؤسِّسَ علم أصول التفسير. وكان اهتمامُهُ بالدَّلالة القرآنية اهتمامًا وافرًا يُقارب في إجراءاته علمَ الدَّلالةِ الحديث. كما كان تحليله النّصي يُجاري فيه لسانيات النّص المعاصرة، ويُجاوز فيه نظرية النظم عند الجرجاني، ومفهوم الوحدة البنائية عند المعاصرين.
لقد كان من أعظم مقاصدنا من قراءة تراث الحرالي في التفسير الكشف عن تراث يتّسم بروح التجديد والإبداع، لم يُعط، في تأريخ التفسير، حقه ممّا هو أهل له فعسى أن تُوفي هذه الدراسة بعض حقِّهِ.