Résumé :
لم تعط الكتابات القديمة منها والحديثة، وهي في مجملها أجنبية، لتاريخ المغرب قبل الإسلام، أرضا وساكنة، أية أهمية في حد ذاته، حيث يبدو فيها هذا التاريخ تاريخا ثانويا وهامشيا، لا يتم الاهتمام به إلا من خلال تقاطعه مع التأريخ للقوات التي تعاقبت على احتلال قسم منه وأعمالها العسكرية ومنجزاتها الحضارية. فهي سلطت الضوء أساسا على تاريخ الشعوب والدول التي تنتمي إليها محكومة في ذلك بأسئلة واهتمامات نابعة من بيئتها الاجتماعية .والسياسية كما أن خطابها، وخصوصا الحديثة منها، ينطوي على كثير من المستبقات الحضارية وأحكام القيمة السلبية التي ألصقت بساكنته. وهو ما يفرض علينا إخضاع هذه الكتابات إلى الفحص ،والمراجعة وتحديد أسئلة يكون همها التأريخ للمغرب وساكنته. فهذا الكتاب من هذه الناحية هو عمل نقدي تركيبي يسائل حصيلة الوجود الأجنبي بالمغرب القديم السياسية والحضارية خلال الفترة الممتدة من حكم يوبا الثاني إلى مجيء الإسلام، ويحاول تجاوز حدود التخصصات الضيقة الطاغية على مفاصلها. ويحدد إشكالات تهتم قدر الإمكان بالتأريخ لهذه الفترة بأبعادها المتعددة والمتداخلة دون إغفال ارتباط شمال المغرب بمجريات أحداث الفضاء المتوسطي، وانفتاح جنوبه على عمق المجال الصحراوي، وإن كان شح المعلومات حول هذا الانفتاح يعاكس حاليا أي بحث جدي في هذا الاتجاه.