اوفقير العائلة و الدم

تعتبر قراءة في كتاب ستيفان سميث أفقير ، قدر مغربي» حتلة قيمة غير مسبوقة حتى في الدول المتقدمة. إذ أن الأستاذ جماهري أدخل تعليقا «تناصيا» لدحض العديد من الفقرات والمقولات المتضمنة في الكتاب. ويبقى هذا العمل بالغ الحساسية، خصوصا عندما ندرك أهمية الأحداث والفاعلين فيها ووزنهما معا دون الحديث عن الفرقاء والتابعين الذين عاشوا أقوى اللحظات في هذه الفترة وأكثرها مأساوية، ما زالوا على قيد الحياة. أضف إلى كل ما سبق أن السياق السياسي للانتقال الديمقراطي ما زال يتميز بردود فعل مفرطة الحساسية في علاقتها بالذاكرة، ومرد ذلك إلى أن الماضي المسترجع ما زال قريبا
منا قربا مؤلما.
والمفارق في هذا الأسلوب الجديد هو أن تاريخنا يكتب وينشر في الخارج ويتم التعليق عليه هنا. وهذا يقيم الدليل على أننا لا نملك بعد الصفاء أو الوضوح التام لتسمية معيشنا فمثقفونا، ومؤرخونا، ساستنا يستمرؤون الصمت أو يغرقون فيه وهو صمت يصيب الذاكرة بالضمور ويفتح المجال – سواء عندنا أو عند الآخرين – لكل من سهلت ذاكرته وخفت ریشته. هؤلاء هم الذين أصبحوا يحتلون حقل التفكير وينصبون أنفسهم مؤرخين لماضينا المفتت بعد أن « يصرفوه» في الحاضر.
وما من شك أننا لا نكتشف جزءا مخبأ من ذاكرتنا بدون ثمن ولاسيما عندما يتم الافصاح عنها بطريقة عاصفة وعلى صفحات متحيزة، لكن الأمم القوية هي الأمم التي تواجه الأجزاء المظلمة من ماضيها دون أن يكون ذلك من أجل التقاتل حولها أو لمحوها بل – لتتقوى بها وتصنع تاريخا وتعطيه معنى وتمنح للحاضر مستقبلا. إن هذا العمل هو الذي ينتظر مؤرخينا ومثقفينا وناشرينا، ومن ثم لن يستطيع أحدا أن يتكلم عن قدر مغربي إلا إذا كان على علم وبينة.