Résumé :
يسلّط هذا الكتاب الضوء على آليّة داخلية لاستقالة العقل في الإسلام، ولكنّه يبقي الباب مفتوحاً أمام إعادة قراءة قرآنية يمكن معها للإسلام أن يتصالح مع العصر ومع الروح العلمي الحديث.
ما ميّز الإسلام القرآني عن المسيحية الإنجيلية واليهودية التوراتية هو غياب المعجزة النبوية: فليس في القرآن من معجزة سوى القرآن نفسه بوصفه معجزة عقلية غير مادّية. ولكن في سياق المنافسة مع الديانتين التوحيديتين القائمتين على برهان المعجزة النبوية الحسّية، ومع الفتوحات التي أدخلت إلى الإسلام أمماً شتى غير ناطقة بالعربية، لم تعد المعجزة البيانية العقلية القرآنية كافية وحدها لتثبيت الإيمان. وهكذا نُسبت إلى الرسول معجزات مادّية راح يتضخّم عددها قرناً تلو القرن حتى قدّرها كتّاب السيرة المتأخّرون بثلاثة آلاف معجزة.
ومع هذا التحوّل المتأخّر للإسلام إلى دين معجزات، ومع تعميم الاعتقاد بإمكانيّة الخرق الذي لا ضابط له للقوانين الصغرى والكبرى للحياة والطبيعة والكون، دخل العقل في مرحلة سبات، وغابت عن أفق الحضارة العربية الإسلامية إمكانيّة ثورة كوبرنيكية تنقلها من جمود القرون الوسطى إلى دينامية الحداثة وفتوحات العقل العلمي.