المسلمون والبحر

حاولنا في فصول هذه الدراسة أن نتقيد بالسؤال المحوري الذي حددناه كإشكال عام للموضوع، ألا وهو المواقف الرسمية للدول الإسلامية من البحر. وجعلنا من حوض البحر الأبيض المتوسط مجالا لهذه العلاقة، وقد استهدف البحث دراسة السياسات البحرية وما ارتبط بها من تنظيمات على عهد الدول الإسلامية خلال العصور الوسطى. وليس من شك أن الدراسات في موضوع علاقة المسلمين بالبحر المتوسط خلال العصر الوسيط ليست وليدة اليوم، بل إن المكتبات العربية والأجنبية تزخر بعدد وافر منها، غير أن الموضوع لم يأخذ مساحته المطلوبة في بعض هذه الأبحاث، حيث إن عددا من القضايا المرتبطة به ظلت بحاجة إلى مزيد من التوضيح والبحث.
وقد حاولنا في هذا العمل إثبات أن هذه العلاقة طبعتها نظرة حكام الدول الإسلامية للبحر بصفة عامة ؛ وذلك أنه منذ استقرار المسلمين على السواحل المتوسطية، اختلفت مواقفهم بين مؤيد ومعارض لدخول تجربة ركوب البحر. وقد انطلق الفريق المعارض لكل نشاط عسكري في البحر، من انعدام الخبرة والممارسة العملية لدى المسلمين بالمجال البحري كسبب لتبرير موقفه . واعتمد الفريق المؤيد لتبني سياسة بحرية على المعطيات الإستراتيجية الجديدة للدولة الإسلامية.