Résumé :
تسرد التوراة بأسفارها الخمسة كثيرًا من القصص التي دارت أحداثها في مناطق متعددة من الشرق الأوسط، من العراق شرقًا وحتى مصر غربًا وربما امتدت أبعد من هذا دون تحديد جغرافي حاسم، وكانت هذه القصص مصدر إلهام للمخيلة الجمعية الأوروبية في القرون الوسطى وبدايات ما قبل العصر الحديث، تبدّت في الكثير من الأعمال الأدبية والموسيقية والفنية من نحت وتصوير. مع بدايات الحركة الاستعمارية في نهاية القرن الثامن عشر وقدوم الأوروبي إلى الشرق، بدأت حركة محمومة في الكشف عن الآثار التاريخية التي تحدث عنها الكتاب المقدس، فانتشرت بعثات التنقيب في العراق وسوريا ومصر وفلسطين، وكان الهدف الأصلي والأساس منها هو إثبات السردية التوراتية. وعندما يطالع المرء تقارير البعثات الأولى، بل وحتى أسمائها، يكتشف أن المحرك ربما الوحيد وراءها هو الوازع الديني. القرآن بدوره يحتوي على الكثير من القَصَص التي وردت في التوراة، ولكنه يروي بعضها بطريقة مختلفة أو يتجاوز بعض التفاصيل. أيضًا تعامل المفسرون المسلمون مع القصص القرآني بالشرح والتحليل، وكثيرًا هنا ما يُساق مصطلح الإسرائيليات في دلالة على أن المفسرين المسلمين اعتمدوا على الشروحات اليهودية في عملهم. هنا بالضبط تبرز أهمية هذا العمل، الذي يقوم على إبراز أصل السردية في آداب شعوب الشرق القديم، وبالتالي يدحض ويفند مصطلح الإسرائيليات الذي وُصمت به هذه التفاسير، ويثبت أنها ترجع إلى التراث الشفهي الجمعي للمنطقة العربية وليس إلى شروحات المشنا والتلمود، ومن ثم يؤكد على الأصل العربي وليس اليهودي لهذه التفاسير القرآنية.