Résumé :
أدى التطور الذي عرفه مفهوم التراث الثقافي إلى بروز الاهتمام بالتربية على التراث باعتبارها تربية تضمن انتقاله إلى الأجيال القادمة، وتعزز صلتهم بتاريخهم وهويتهم، وإسهامهم في حفظه، وتحثّ على الخصوصيات المحلية وتمنح وظيفة تربوية للمجال. يندرج هذا الكتاب في قلب هذه الانشغالات حول علاقة التراث بالتربية. حيث أبرزنا من خلال قراءتنا النصوص التشريعية الوطنية والدولية؛ الأهمية الاجتماعية للتراث الثقافي، باعتباره مؤشرا للتشارك الديموقراطي، بإمكانه الإسهام في تحسين عيش الأفراد، وتحقيق الانتظارات الواسعة للمجتمع؛ مما يؤكد الحاجة إلى تخطيط سياسات تراثية مستدامة. وينبري في هذا السياق النموذج المغربي إذ بينا الانعكاس الواضح للاتفاقيات والمواثيق الدولية على السياسات التراثية البلادنا من خلال إبراز حضور التراث الثقافي في التشريعات الوطنية على مستوى الدستور والخطابات الملكية السامية والنصوص التشريعية. لأجل ذلك، كان لزاما علينا إبراز وظائف التراث الاجتماعية، حيث تبيّن لنا أن المشاريع التراثية قادرة على دعم أفراد المجتمع، وتوحيدهم حول أهداف جامعة، وفق منطق تنموي يجسد ممارسات التثمين والوساطة مع الاجتهاد في ابتكار مقاربات تسهم في تجويد وترشيد استثمار الإمكانيات التنموية التي يمنحها لنا التراث الثقافي.
لقد أكدت مقاربة موضوع التراث الثقافي إبستمولوجيا وتربويا القيمة التربوية للاشتغال على الموضوع؛ الأمر الذي ضاعف إيماننا بالحاجة التربوية والاجتماعية لإدماج التربية على التراث الثقافي في المناهج التعليمية ويدعو إلى تكثيف الجهود لتكييف الاجتهادات النظرية مع الواقع التربوي والتعليمي والتفكير في الطرق الكفيلة بتنزيلها ديداكتيكيا في الفصول الدراسية.