Résumé :
النقد يبدأ من المجتمع، يبدأ من علاقة الأنا ،بالآخر، والآخر هو أنت كفرد أو كسلطة أو كمؤسسة الآخر الذي ليس هو أنا. فأنا ليس أنت وأنت لست أنا . وبهذا تُحدّد الأنا الأنت بالآخر الذي ليس هو أنا، وتُحدّد الآخر الذي هو أنت بليس هو فالآخر هو ما يُحدّدني أنا كأنا.
ومنه فما سنقدمه خلال صفحات الكتاب هو نقد علاقة الأنا والآخر، سواء بتفكيك بنى فكرية تشكلت حول ظواهر اجتماعية معروفة تارةً أو بتحليل لنوعية علاقات بين الأفراد تشكلت عبر تاريخ التطور الاجتماعي تارةً أخرى وهذا بغرض فهم الوعي الجمعي والأفكار (المعتقدات) المتشكلة حول تلك الظواهر وكذلك العلاقات وأيضا الأنماط الشخصية (بالأخص المرفوضة داخل المجتمع. دون إدانة أو تجريم ودون توجيه أو نصح، إنما فقط كمحاولة لكشف بعض المعتقدات الاجتماعية والتقرب من هذه المعطيات الاجتماعية : بفهمها ورؤيتها من زاوية مختلفة ومغايرة، لعله في ذلك تنكشف لنا الإشكالات المسببة للصراعات
الاجتماعية، كرفض الأنا للآخر أو رفض الآخر للأنا أو حتى رفض الأنا للأنا. إن حريتك في العالم تزيد بزيادة معرفتك، لكن ومهما توسعت هذه الحرية فإن الآخر يلغيها. فعين الآخر تحد من تصرفك وبالأخص لو كنت تنشد قبولا لدى هذا الآخر ، لتنصاع للشروط الذي يضعها لقبولك . وهو ما نقوم به في لباسنا وطريقة تصرفنا وعاداتنا الاجتماعية، ليتم قبولنا كفرد أو كأفراد لذلك لا نستطيع فعل ما نريد وقت ما نريد كيفما نريد ! لأن الوصول لتحقيق هذا الأمر يلزمه غياب الآخر الذي «يحد»، وكذلك معرفة كافية تمكننا من القيام بذلك بأنفسنا. وقد عبّر عن هذه النقطة أرسطو لدى قوله بأن من لا يستطيع الحياة في مجتمع أو لا يحتاج إلى ذلك فهو إما حيوان أو إله !