Résumé :
يضمر التفكير في الشر مفارقة كبيرة، فأمام إحجام الفلاسفة
عن التفكير فيه مخافة تبريره أو إفراغه من بعده الفاضح، سعوا إلى اعتباره السؤال الجذري للفلسفة. إلا أن كل تفكير في الشر يجد نفسه مطالباً بتتبعه منذ البدايات الأولى للوجود الإنساني، وبالتالي، فكل تأمل فيه هو تأمل في ماهيته وهويته أولا، ثم تتبع لامتداداته وتجلياته. وهذا التأمل، وإن سعى إلى موضعة الشر، فإنه يبقى إما داخل رؤية ذاتية تحييدية للشر، ترصده باعتباره ما لا يجب أن يكون وتتعامل معه على أساس الاكتفاء بتوصيفه، ثم التسليم به كواقعة وجودية ملازمة للإنسان، أو كمعادل موضوعي وضروري لإثبات الخير، وإما تقاربه بكونه ظاهرة خارجانية تعتبره خارج الفعل والإرادة الإنسانيين وتحيله إلى المفارق