Résumé :
لا بد من التأكيد بداية على أن مجال موضوع الإرث هو القانون الوضعي كتتويج لمرحلة ظل فيها هذا الموضوع كغيره من موضوعات حياة المسلمين منطقة نفوذ فئة من المعتاشين من الدين، مارسوا – بدون تفويض من أحد – إحدى أهم سلطات الدّول قديما كما حديثا، وهي السلطة التشريعية، حتى إن دولة المسلمين تكاد تكون الوحيدة في التاريخ التي صودرت فيها هذه السلطة بوضع اليد وبمباركة من الدولة نفسها، علما بأن أحكام المواريث في الإسلام كغيرها هي أحكام مدنية وانطلاقا من هذا الوضع كان لا مفرّ من اعتماد منهج تاريخي : لاستقراء نشأة وتطور أحكام الإرث، ولكشف بدائل كثيرة متاحة لو احتاج الأمر دون الوقوع في فخ التلفيق، خاصة وأنه في الوقت الذي دخل فيه الآخرون مرحلة تحديث الحداثة ما زلنا نحن لم ندخل الحداثة أصلا ؛ وأبرز شاهد على ذلك أن المشرع المغربي مازال يتحدث في سنة 1424 للهجرة / 2004 للميلاد عن ولاء العتاقة في معرض حديثه عن أسباب الإرث، مما يجعل أي حديث عن مقاربة للتنمية البشرية – الموضوع الشاغل لاهتمام الجميع اليوم – لا يوظف قواعد توزيع الثروة، ومنها قواعد توزيع الإرث ولا يأخذ بعين الاعتبار بشأنها أن هناك تمييزا على أساس الجنس أو الحرية، حديثا غير واقعي وبصدد هذا التمييز غير المبرر بالذات سنبدأ من البداية، و ليكن المنطلق من جذور التاريخ حسب المتاح من الوقائع الراجحة وفق فنّ التأريخ منقوله ومعقوله.